مكانة الكتاب أمام التحديات الراهنة
إن
الكتاب هو إنتاج فكري مطبوع على مجموعة أوراق ، وعرفته اليونسكو بأنه
مطبوع غير دوري يمثل عملا فكريا نشر مستقلا و له كيان مادي مستقل رغم
إمكانية وجوده في عدة مجلدات لمؤلف واحد أو عدة مؤلفين . و حسب تعريف
"الدكتور حشمت قاسم" يقول : أنه هو أي عمل مخطوط أو مطبوع لا يقل عدد
صفحاته عن 50
ص. ، و يتكون من مجلدا أو أكثر ، أما مكوناته متمثلة في القوادم و التي
تحتوي على ورقة البطانة و صفحة العنوان و صفحة الصواب و الخطأ و نجد كذلك
المتن و المتمثل من المقدمة إلى الخاتمة أما الخواتم فتمثلت في الفهرس و
المراجع المستعملة و الملاحق . لكن سؤالنا المطروح ليس مقتصرا على ما هو
الكتاب أو مفهومه و تعريفه أو... أو... لكن سؤالنا يكمن في مكانة الكتاب
كوعاء ورقي أمام الأوعية الإلكترونية و الرقمية الحديثة ؟
الكتاب
أو الذاكرة الملموسة فليس من باب المبالغة في اعتباره الذاكرة الإنسانية
على مر العصور أو امتداد الذاكرة و المخيلة و الأفكار. فكما يقول "خورخي
لويس بورفيس" الكاتب و الناقد الأرجنتيني : يعد الكتاب أكثر إثارة للدهشة
للإنسان فالأدوات الأخرى امتداد
لجسمه مثل الميكروسكوب و التليسكوب امتداد رؤيته و الهاتف امتداد صوته و
المحراث و السيف امتداد ذراعه أما الكتاب فهو شيء أخر ، إنه امتداد ذاكرته.
و يقول الكاتب العربي "بحر بن عم الجاحظ" : لا أعلم جارا أبر و لا رفيق
أطوع و لا معلما أخضع و لا صاحب أظهر كفاية و لا أقل جنابة و لا أحفل
أخلاقا و لا أزهد في جدل من الكتاب و لا أعلم شيئا بجمع من التدابير
العجيبة و العلوم الغربية و من آثار العقول الصحيحة و محمود الأذهان
اللطيفة و من الحكم الرفيعة و من الأخبار عن القرون الماضية و البلاد
المتنازحة ملما يجمع لك الكتاب . و قد كتبت "إليزابيث براوننغ" عن الكتاب
بأنه المعلم بلا عصا و لا كلمات و لا غضب بلا خبز و لا ماء إن دنوت منه لا
تجده نائما و إن قصدته لا يختبئ منك . و قال آخرون في ذكر أهمية الكتاب أن
الكتب ليست أكوام من الورق الميت بل إنها عقول تعيش على الأرفف ، و في ذكر
الأرفف قد ذكر "إمبرتوإيكوا" في محاضرته التي ألقاها بمناسبة افتتاح
المكتبة الإسكندرية حيث يقول : كانت المكتبات عبر القرون وسيلة مهمة للحفاظ
على الحكمة الجماعية و لزالت نوعا من العقل الكوني الذي يمكننا من خلاله
إستمادة ما نسيناه أو معرفة ما نجهل من الأمور أو المعلومات و لذا فالمكتبة
هي أفضل ما صممه العقل البشري لمحاكاة الحكمة الإلهية ، حيث ترى فيها
الكون بأكمله و تفهمه في ذات الوقت . لكن الأهم مقاله تعقيبا عن هذا حيث
أشار إلى المقالات التي تنشرها الصحف و الأبحاث التي يقدمها بعض الباحثين
الأكادمين و التي تتحدث عن احتمالية موت الكتاب كوعاء ورقي و ذلك في مواجهة
عصر الكومبيوتر و الانترنت . فلو كان لزاما على الكتب أن تختفي مثلما حدث
للألواح الطينية ... لكان هذا سببا وجيها لإلغاء المكتبات وهذا هو الدليل
الذي أعتبره الوجيه ، فإن الكتاب الورقي مزال على شموخيته مع كل الرهانات و
الإيجابيات التي يتباها بها و يتميز بها الكتاب الإلكتروني الذي يعد من
أهم المصادر و المراجع المعرفية و العلمية كما أنه يختصر المسافات و الحدود
السياسية باعتبار هذا المصطلح – الكتاب الإلكتروني E-book –
حديث الاستخدام بحداثة الموصوف كان ذلك في نهاية القرن الماضي مع بداية
الأرشفة و النشر الإلكتروني بتعريفه صيغة رقمية لنص مكتوب ، أي أصل الكتاب
الإلكتروني هو الكتاب الورقي فالسلف جزء لا يتجزأ من الخلف مهما تطورت
التكنولوجيات و الوسائط . مثل الحاسوب كل التعديلات التي أضيفت و كل
التطورات و الأجيال و الأشكال إلا أنه مزال محافظا على لغته الرقمية –
بينال 01010
لكننا لا نجهز على الكتاب الإلكتروني و نعترف بإيجابياته لأنه لا يستطيع
في الوقت الراهن منافسة الكتاب الورقي و الدليل على ذلك المناقشة التي جرت
من أعضاء مجالس كثيرة على "الويب" حيث ذكرت أن أكثر الدول استخداما و
استعمالا للانترنت مثل "و.م.أ." نجد بأن الكتب الورقية تلقى لديهم رواجا
كبيرا و لتزال متاجر بيع الكتب الورقية تعرض ألاف الكتب الجديدة كل عام
فكيف لنا أن نحكم بأن الكتاب الورقي قد أو بدأ بالزوال ، بالإضافة إلى
السلبيات التي يتميز بها الكتاب الإلكتروني أنه يحتاج إلى الآلة و الحاسوب
أثقل حجما من الكتاب الورقي بالإضافة إلى استهلاك الطاقة و باقي اللوازم
التي يحتاجها الحاسوب . كما أن الكثيرين يعد أن المطالعة الإلكترونية و
خاصة و أن الثقافة الإلكترونية سيطرة على مجتمع المعلومات أنها وسيلة حديثة
للتثقيف بديلة للكتاب أو مكملة له إلى أنه بمجرد الانتهاء من القراءة
بواسطة كبسة زر واحدة ترمي بالكتاب إلى - - Corbeille
لكن لا نستطيع فعلها مع الكتاب الورقي الذي يعتبر الأنيس في الوحدة و
الصديق الوفي . و من سلبيات الكتاب الإلكتروني نجد كذلك انتهاك حقوق
الملكية الفكرية بسبب النشر الإلكتروني غير القانوني مما يعكس إلى عدم
التحكم في الببليوغرافيا بأشكالها و أنواعها إضافة إلى المساوئ التي تحدثها
الشاشة و رغم كل هذا كان و لازال الكتاب الورقي مصدرا مهما من مصادر
المعرفة فتتواجه أفكارك بأفكاره و تحاوره في مكون بل يظل يزين مكتبتك و
يفتنك لتعود إليه و يسمح لك لتستخدم هوامشه لتدون ملاحظاتك مع إلزامه بدوره
الهام في العملية التعليمية فهو المساهم الأول في دفع عجلة التعليم مع
إمكانية للوصول إ‘لى أماكن تعجز الأنترنت الوصول إليها .
و في الأخير تبقى الإشكالية مفتوحة كما طرحت في إحدى المقالات على الويب هل ما يزال الكتاب الورقي يتحدى الكتاب الإلكتروني .
Kouider tifour
Kouider-tifou@yahoo.fr
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire