المكتبـات العامـة و دورها في
خدمـة مجتمـع
المعلــومات في الجــزائـر
المكتبات العامة هي مؤسسات ثقافية تعليمية
معلوماتية ذات مبادئ و أطر اجتماعية و منهجية و خدمات مجانية ، و المفهوم
الكلاسيكي الجاف للمكتبة العامة فقد زال بزوال المجتمع البدائي حيث تطورت وظيفة
هذه المكتبات بتنامي الدور الاجتماعي الذي تلعبه . فبعد أن كانت في مراحلها الأولى
عبارة عن أرشيف تحفظ فيه سجلات الدولة و الكتب و مظهرا من مظاهر البزخ الاجتماعي
للنبلاء و الأثرياء ، أصبحت تستجيب لخدمة كل المجتمع و تقدم خدماتها على أسس علمية
سليمة لجميع أصناف المجتمع بدون تمييز .
من خلال هذا نجد أن العنصر
الأساسي في هذه المعادلة هو المجتمع الذي بنيته التركيبية نواتها المعلومات التي
أصبحت بدورها حقا اجتماعيا في المجتمعات المتقدمة و عليه فإن مجتمع المعلومات هو
مجتمع القرن الواحد و العشرين الذي من أجله تسعى الدول و المناطق في مختلف أنحاء
العالم الدخول في زمرته و من بينها الجزائر من الخطوة التي اتخذتها وراء إنشاء الحكومة
الإلكترونية أو الرقمية ، على المنطق أنه هو السبيل للرقي و التطور . و دليل ذلك
هو انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات في دورتين : الأولى بجنيف ديسمبر 2003
و الثانية بتونس نوفمبر 2005 .
و يرى بعض الباحثين أن مصطلح
مجتمع المعلومات قد جاء كنتيجة للصفة التي أطلقت على العصر الذي نعيشه و "
عصر المعلومات " و جاء في دائرة المعارف الدولية لعلم المعلومات و المكتبات
أن المصطلح يشير إلى المجتمع الذي أصبحت فيه المعلومات القوة المحركة الرئيسية اقتصاديا
و اجتماعيا و ثقافيا ، فالدولة في هذه الحالة مطالبة بمراجعة أفرادها كلا حسب
اهتمامه من المعلومات حتى يصير المجتمع مجتمع معلوماتي و مجتمع المعلومات ليس
بالمصطلح الجديد فقد أستخدم لأول مرة في الو.م.أ عام 1960 ثم تطور مفهومه بفضل
جمعية المكتبات البريطانية و مجموعة عمال المكتبات العامة .
و لتحقيق هذا في بلادنا يجب
الاهتمام أكثر بالبنية التحتية للمعلومات و التي تتمثل في :
* شبكات الاتصال .
* صناعة تكنولوجية المعلومات .
* المكتبات و مراكز المعلومات و خاصة المكتبات العامة على أنها المصدر
الثقافي و الفكري و التعليمي للمجتمع و حفظ التراث الإنساني .
و كما هو مألوف عندنا في
الجزائر أن الإمداد بالمعلومات هو إمداد مؤسسي ، و لكن في الواقع ليس هناك سبب
قاطع لذلك ، فإن المعلومة يمكن أن تسلم أو تتاح من خلال الأفراد . و هذا ما
يساعدنا للدخول في زمرة مجتمع المعلومات على أساس أن المجتمع ألمعلوماتي هو ذلك
المجتمع الذي يتحكم في استعمال الوسائل التكنولوجية الرقمية و الحواسيب في إنتاج و
تسويق و أمن المعلومات و هذا ما سوف تحققه الجزائر إذا ما طبقت مشروع الحكومة
الإلكترونية ، و لتكوين أفراد ذوي قابلية في إنتاج و أمن و التحكم في المعلومات لا
يأتي إلا من خلال المكتبات بدورها منتجة و صانعة للمعلومات من خلال الأدوات التي
تستعملها مثل : الإحاطة الجارية و قواعد البيانات و الفهرسة عن بعد . و كذا تأتي
أهميتها حسب ما أعلن عليه في القمة العالمية لمجتمع المعلومات في دورته الأولى
بجنيف عندما أشيرا إلى وجوب دعم المؤسسات العامة و في مقدمتها المكتبات العامة
التي يمكن أن تؤدي دورا مهما في بناء مجتمع المعلومات و دعمه من خلال الخدمات التي
تقدمها و التي نذكر منها :
* تعتبر مركز التعليم الذاتي .
* تساعد على اكتساب المهارات
الحديثة .
* لها دور كبير في أمن
المعلومات و حماية الملكية الفكرية .
* لها دور في تشجيع الحوار بين
الثقافات و تأكيد التنوع الثقافي .
* لها علاقة بين الخدمة
الاجتماعية التي تكمن في وحدة الهدف و المتمثل في الرقي بالفرد و المجتمع .
* لها دور اتصالي بين أفراد
المجتمع حيث تعتبر الوسيلة في الحلقة الاتصالية الجماهيرية .
* لها دور في تسويق المعلومات و
المعرفة بصفة عامة .
* المكتبات تناهض الإرهاب
الفكري من خلال إجراءات الاقتناء و سياسة التزويد .
و أحسن مثال على هذا النوع من المؤسسات في
الجزائر هي المكتبات المطالعة العمومية الولائية ، حيث تعتبر المحرك الفكري و
الثقافي و حتى الاقتصادي التنموي السياحي لكل ولاية بفضل الخدمات التي تقدمها و
الدور التعليمي و التربوي الذي تلعبه .
جاءت هذه المكتبات بمقتضى
المرسوم التنفيذي رقم 07 – 275 المؤرخ في 6 رمضان من عام 1428هـ الموافق لـ 18
سبتمبر من سنة 2007م و الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 58
المؤرخة في 7 رمضان من عام 1428هـ الموافق لـ 19 سبتمبر من سنة 2007م. و العينة
التي أقدمها على سبيل الذكر هي مكتبة المطالعة العمومية لولاية تيبازة ، و التي
تحققت فيها حوالي 90%
من المبادئ التي أعلن عليها في القمة العلمية لمجتمع المعلومات في دورته الأولى .
إن هذه المكتبة في فترة زمنية قصيرة من
تاريخ إفتتاحها و المقدرة بـ: 6 أشهر قامت بإنجازات مرضية حيث احتوت على مايقارب
662 مستفيد على مختلف الأعمار و الأجناس ، و حسب شهادة بعض المستفيدين و رواده هذه
المكتبة في مقابلة لهم أقروا على :
- المكتبة هي مؤسسة للمطالعة و الاكتشاف .
- بواسطتها استطاعوا
التأقلم و التعود على محيط القراءة و المطالعة بفضل النادي الذي أنشأته المكتبة
" نادي القراء " .
- تساعد على التحصيل الدراسي بفضل المراجع و
الحوليات .
- تساعد على الإبداع و
اكتشاف الخبرات و هذا بفضل الأنشطة و الألعاب و المعارض الفكرية مثل : معرض تاريخ
الورق .
- بواسطة فضاء الانترنت ساعد الأطفال و حتى الكبار
بإتقان الحاسوب و استعمال الشبكة و الاتصالات عن بعد مثل : E-mail و Skaypو Blogger.
و عليه ندعو إلى الاهتمام
بمثل هذه المؤسسات و في نفس الوقت نقوم بالدعاية لها و الإشهار بها لأنها الصانعة
و المنجزة و المنتقية للقوة المحركة و المتمثلة في العقل البشري لأن الاستثمار
الذي يعطي مستقبل اقتصادي ناجع و رفاهية اجتماعية و تطور تنموي لا يكون إلى بالفكر
كما < قال أحد السياسيين اليابان أن سر تطور اليابان هو أن سياسته كانت
الاستثمار في العقول من خلال المناهج التعليمية و المؤسسات التثقيفية العلمية >
و في مقدمتها المكتبات العامة التي بخدماتها تساعد الأفراد و الجماعات في حل
مشاكلهم و المشاركة في العملية الديمقراطية بالتثقيف و الوعي و كما يقول سيدنا
الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه <<
ربوا أبناءكم غير تربيتكم لأنهم خلقوا لزمن غير زمنكم >> .
و من خلال هذا ما يسعنا إلى
القول أن وجود مثل هذه المؤسسات في بلادنا و الوطن العربي بأسره أننا في احتكاك مع
الرقي الفكري و التحضر الإنساني .
Kouider tifour
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire